المناجاة الإلهية
كان ابن عطاء الله السكندري يقول في مناجاته
إلاهي أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيراً في فقري .
إلاهي أنا الجاهل في عملي فكيف لا أكون جهولاً في جهلي .
إلاهي إن اختلاف تدبيرك وسرعة حلول مقاديرك منعاً عبادك العارفين بك عن السكون إلى عطاء واليأس منك في بلاء.
إلاهي مني ما يليق بلؤمي ومنك ما يليق بكرمك.
إلاهي وصفت نفسك باللطف والرأفة بي قبل وجود ضعفي أفتمنعني منهما بعد وجود ضعفي .
إلاهي إن ظهرت المحاسن مني فبفضلك ولك المنة على. وإن ظهرت المساوي مني فبعد لك ولك الحجة علي، إلاهي كيف تكلني إلى نفسي وقد توكلت لي. وكيف أضام وأنت الناصر لي أم كيف أخيب وأنت الخفي بي ها أنا أتوسل إليك بفقري إليك، وكيف أتوسل إليك بما هو محال أن يصل إليك. أم كيف أشكو إليك حالي وهو لا يخفي عليك. أم كيف أترجم لك بمقالي وهو منك برز إليك. أم كيف تخيب آمالي وهي قد وفدت إليك. أم كيف لا تحسن أحوالي وبك قامت إليك.
إلاهي ما ألطفك بي مع عظيم جهلي وما أرحمك بي مع قبيح فعلي، إلاهي ما أقربك مني وما أبعدني عنك.
إلاهي ما أرافك بي فما الذي يحجبني عنك، إلاهي قد علمت باختلاف الآثار وتنقلات الأطوار أن مرادك مني أن نتعرف اليك في كل شئ حتى لا أجهلك في شئ.
إلاهي كلما أخرسني لؤمي أنطقني كرمك وكلما آيستني أوصافي أطمعتني منتك.
إلاهي من كانت محاسنه مساوي فكيف لا تكون مساوية مساوي. ومن كانت حقائقه دعاوي فكيف لا تكون دعاويه دعاوي.
إلاهي حكمك النافذ ومشيئتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالاً ولا لذي حال حالاً.
إلاهي كم من طاعة بنيتها وحالة شيدتها هدم اعتمادي عليها عدلك بل أقالني منها فضلك .
إلاهي أنت تعلم وأن لم تدم الطاعة مني فعلاً جزماً ما فقد دامت محبة وعزما .
إلاهي كيف أعزم وأنت القاهر. وكيف لا أعزم وأنت الآمر.
إلاهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار فاجمعني عليك بخدمة توصلني إليك .
إلاهي كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك. أيكون لغيرك من الظهور ما ليس بك حتى يكون هو المظهر لك. متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك. ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك عميت عين لا تراك عليها رقيباً وخسرت صفقة عبد لم يجعل له من حبك نصيباً.
إلاهي أمرت بالرجوع إلى الآثار فاجعلني إليها بكسوة الأنوار وهداية الاستبصار حتى أرجع إليك منها كما دخلت إليك منها مصون السر عن النظر إليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها إنك على كل شئ قدير.
إلاهي هذا ذلي ظاهر بين يديك. وهذا حالي لا يخفي عليك. منك أطلب الوصول إليك وبك أستدل عليك، فاهدني بنورك إليك وأقلني بصدق العبودية من يديك، إلاهي علمني من علمك المخزون وصني بسر اسمك المصون.
إلاهي حققني بحقائق أهل القرب واسلك بي مسالك أهل الجذب.
إلاهي اغنني بتدبيرك عن تدبيري وباختيارك لي عن اختياري وأوقفني على مراكز اضطراري .
إلاهي أخرجني من ذل نفسي، وطهرني من شكى وشركى قبل حلول رمسي، بك انتصر فانصرني وعليك أتوكل فلا تكلني الى نفسي وإياك أسأل فلا تخيبني وفي فضلك أرغب فلا تحرمني ولجنابك أنتسب فلا تبعدني وببابك أقف فلا تطردني.
إلاهي تقدس رضاك أن تكون له علة منك فكيف تكون له علة مني أنت الغني بذاتك عن أن يصل إليك النفع منك فكيف لا تكون غنياً عني، إلاهي إن القضاء والقدر غلبني وان الهوى بوثائق الشهوة أسرني فكن أنت النصير لي حتى تنصرني وتنصر بي. واغنني بفضلك حتى أستغني بك عن طلبي . أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتى عرفوك ووحدوك. وأنت الذي أزلت الأغيار من قلوب أحبابك حتى لم يحبوا سواك ولم يلجؤا إلى غيرك أنت المؤنس لهم حيث أوحشتهم العوالم. وأنت الذي هديتهم حتى استبانت لهم المعالم.
إلاهي ماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك لقد خاب من رضى دونك بدلاً. ولقد خسر من بغي عنك متحولاً إلاهي كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الإحسان , وكيف يطلب من غيرك وأنت ما بدلت عادة الامتنان يا من أذاق أحباءه حلاوة مؤانسته. فقاموا بين يديه متملقين ويا من ألبس أولياؤه ملابس هيبته فقاموا بعزته مستغزين. أنت الذاكر من قبل الذاكرين. وأنت البادئ بالإحسان من قبل توجه العابدين وأنت الجواد بالعطاء من قبل طلب الطالبين. وأنت الوهاب ثم أنت لما وهبتنا من المستقرضين .
إلاهي اطلبني برحمتك حتى أصل إليك واجذبني بمننك حتى أقبل عليك.
إلاهي إن رجائي لا ينقطع عنك وأن عصيتك كما أن خوفي لا يزيلني وإن أطعتك .
إلاهي قد دفعتني العوالم إليك. وقد أوقفني علمي بكرمك عليك.
إلاهي كيف أخيب وأنت أملي، أم كيف أهان وعليك متكلي، إلاهي كيف أستعز وأنت في الذلة أركزتني أم كيف لا أستعز وإليك نسبتني، أم كيف لا أفتقر وأنت الذي في الفقر أقمتني أم كيف أفتقر وأنت الذي بجودك أغنيتني , وأنت الذي لا اله غيرك. تعرفت لكل شيء فما جهلك شيء وانت الذي تعرفت إلى في كل شئ فرأيتك ظاهراً في كل شئ فأنت الظاهر لكل شئ,يا من استوى برحمانيته على عرشه فصار العرش غيباً في رحمانيته كما صارت العوالم غيباً في عرشه محقت الآثار بالآثار , ومحوت الأغيار بمحيطات أفلاك الأنوار. يا من احتجب في سرادقات عزه عن أن تدركه الأبصار, يا من تجلى بكمال بهائه فتحققت عظمته الأسرار , كيف تخفى وأنت الظاهر أم كيف تغيب وأنت الرقيب الحاضر والله الموفق و به أستعين.
الاهي انا مسرف انا مذنب انا عاصي*** وانت راحم انت غافر انت كافي
قابلتها ثلاث في ثلاثا ******************* فغلبت اوصافك اوصافي
