الجنس : البلــد : عدد المساهمات : 213نقاط : 334السٌّمعَة : 11تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: جاهد النفس السبت ديسمبر 18, 2010 11:06 pm
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] صيام النوافل صيام شهر رمضان وصيام النوافل مدرسة تربويّة عظيمة، إلاّ أنها لا تحقّق أهدافها إلا حين يرتبط الصيام بسائر الشعائر والتكاليف الربانيّة، فتمتدّ المدرسة في مناهج متماسكة كلّ عنصر يبدو كأنه يعمل وحده ويعمل في الوقت نفسه مع سائر العناصر. ومن أهم معاني مدرسة الصيام تنقية النفس وتزكيتها ، إِيقاظ الشعور بالمسؤولية بين يدي الله . ولكن هذا كله ينمّ من خلال عمليّة أساسية يكـون المسلم نفسه مسؤولاً عنها ، وعن إدارتها وتوجيهها . هذه العمليّة التي تتم في داخل الإنسـان هي مجاهدة النفس. ومجاهدة النفس هي أول أبواب الجهاد، فإن انتصر المسلم فيها على نفسه، كان انتصاره في الميادين الأُخرى، وإن هزم في نفسه تتابعت الهزائم، هزائم الفشل في تحقيق طاعة الله في سائر الميادين. ولقد جاءت الآيات والأحاديث تؤكد هذا المبدأ العظيم في حياة الإنسان بعامة ، والمسلم بخاصة:[وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ]العنكبوت:69 وكذلك:[وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ] العنكبوت:6. وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يرويـه فضالة بن عبيد رضي الله عنه:« الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ »(1)أخرجه الترمذي ومجاهدة النفس هذه ليست عملاً مرحليّاً يتوقّف بعد حين. إنها عمل ممتدٌّ ماضٍ مع المسلم حياته كلها حتى يلقى الله على هذه المجاهدة. وليست هذه المجاهدة هي العمل الوحيد الذي يمضي مع المسلم عمره كله ليزوّده بالطاقة اللازمة للنهوض إلى سائر التكاليف. فمع مجاهدة النفس يمضي ترديد الشهادتين مع ذكر الله بالدعاء والتوبة والاستغفار ليظلَّ لسان المؤمن رطباً بذكر الله، وأداء الشعائر بحقّها، وطلب العلم من الكتاب والسنّة واللغة العربية صحبة عمر وحياة، صحبة منهجيّة. هذه القضايا الأربع متماسكة فيما بينها، كلُّ واحدة تُغذي الثلاث الأُخرى بهدايةٍ من الله وفضل، حتى يظلَّ الإيمان ينمو، والنفس تزكو، والجوارح تطهر، والعمل مبارك مشرق يمضي على صراط مستقيم واضح. وهذه المجاهدة ، حين تمضي مع القضايا الثلاث الأُخرى ، تهب المؤمن السعادة والطمأنينة حين يذكر الله سبحانه وتعالى وفضله ورحمته ، وتهبه الخشية من الله حين يذكر عذابه . ويظل المؤمن بين هاتين الحالتين، يضمُّها رضي عن الله وحبُّه الأكبر لله ورسوله:[إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ]المؤمنون:57 وكذلك[الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ]الرعد:28 يَمُرُّ الإنسـان في لحظات ضَعْفٍ ابتلاءً وتمحيصاً. ويُبتَلى المؤمن في جميع أحواله، في حالات القوّة والضعف، والغنى والفقر، والفرح والحزن، ويُسْرِ الحياة وعسرها، إلى غير ذلك من الحالات. إنّ هذا الابتلاء سنّة من سنن الله في عباده ، فلا تموت نفسٌ إلا وقد استوفت أجلها ورزقها وما كتبه الله لها، عدلاً منه سبحانه وتعالى على ميزان ربانيّ حق. فمن تابع مجاهدة نفسه في كلِّ أحوالها، يذكر الله، ويتوب، ويستغفر، ويجدّد التوبة والإنابة، والمجاهدة، فعسى أن يكـون عند الله من المفلحين. ومن أتبع نفسه هواها، وتمنّى على الله، ولم يجاهد في نفسه فقد عرّض نفسه للتهلكة. وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم هي النموذج الذي يُحتَذى أَولاً، ثم نماذج التلامذة والصحابة الأبرار إِنها رحمة من الله بعباده أن جعل لهم هذه النماذج التطبيقية العلمية، حتى يظلَّ هنالِكَ ما يُذكّر المؤمـن بالحقّ وبمجاهدة النفس. وجعل الله شهر رمضان شهر مجاهدة للنفس، وتطهير لها، وكذلك جعل الشعائر كلها مصدر تذكير وقوّة